الطريقة الطولية :
وفيها تتم ملاحظة نفس العينة من الافراد التى تكون من نفس العمر لحظة البدء فى البحث واعادة ملاحظتهم أو اختبارهم عدة مرات على فترات زمنية مختلفة , وهذة الفترات تختلف حسب طبيعة البحث أى أن هذة الطريقة تتطلب تكرار الملاحظة والقياس لنفس المجموعة من الافراد لفترة زمنية معينة . وبالطبع فان مدى الزمن المستغرق والفواصل الزمنية بين الملاحظات والاختبارات تختلف من بحث لآخر , وذلك حسب طبيعة موضوعة ففى بحث حول نمو تفضيل احدى اليدين فى العمل اليدوى يختبر الاطفال ابتداء من سن 10 شهور مرة كل شهر حتى يصلوا الى العمر الذى يظهر فية تفضيل لاحدى اليدين على الاخرى , وهو عادة ما يكون سن 18 شهرا . وفى بحث النمو العقلى قد نحتاج لفترات زمنية اطول . فالاطفال يختبرون كل شهر عندما يكون عمرهم بين شهر واحد و 15 شهر , ثم كل 3 شهور بعد ذلك حتى يصلوا الى سن 2,5 سنة , ثم كل 6 شهور حتى يصلوا الى سن الخامسة , ثم كل سنة حتى سن المراهقة , وبعض البحوث تتضمن نظاما مختلفا وفترات زمنية اطول وخاصة حين يكون اهتمامها بالنمو عبر مدى الحياة .
والطريقة الطولية بهذا تتغلب على بعض مشكلات الطريقة المستعرضة , وتوفر للباحثين امكانات بحث افضل . انها تقدم صورة جيدة عن النمو داخل الافراد وليس صورة مجملة عن الفروق بين الجماعات العمرية . ثم انها تحدد لنا اى الظروف السابقة أو الخبرات السابقة يؤثر فى النمو السلوكى موضع البحث . ففيها لا تتداخل الفروق بين الاجيال والفروق داخل الجماعات من فروق العمر , كما هو الحال فى الدراسات المستعرضة , ولعل من اهم مميزات التحكم فى اثر اختلاف الاجيال ان الاثار فيها ترجع الى زمن ولادة المفحوص أو الجيل الذى ينتسب الية ولا ترجع فى الواقع الى محض عمرة , فالاجيال كما بيننا قد تختلف فى سنوات التعلم ومما رسات تنشئة الاطفال والصحة والاتجاهات نحو الموضوعات الحساسة كالجنس أو الدين , وهذة الاثار التى ترجع الى الاجيال لها اهميتها لأنها تؤثر بقوة فى المتغيرات التابعة فى الدراسات التى تبدو ظاهريا مهتمة بالعمر , وآثار اختلاف الاجيال قد تبدو كما لو كانت آثار اعمار مع انها ليست كذلك بالفعل , ومن ناحية اخرى فان هذة الطريقة تسمح للباحثين بتحليل الاستقرار أو الاختلاف الذى يحدث داخل الفرد بمرور الزمن . أضف الى ذلك ان هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا فى دراسة كل الفروق بين افراد العينة حتى يكتما البحث , ومعنى ذلك انها اقل جاذبية من الطريقة المستعرضة فى ضوء معيار الزمن , ومع ذلك فاننا بها وحدها نستطيع ان نحدد اى الشروط او الخبرات السابقة تؤثر فى نمو السلوك موضع البحث .
ومع هذة المزايا الظاهرة للطريقة الطولية الا ان لها مشكلاتها ايضا نلخصها فيما يلى :
1- العوامل الانتقائية فى العينة الاصلية : فالافراد الذين يشاركون فى بحث من طبيعتة ان يستمر لعدة سنوات يتم انتقائهم فى الاغلب تبعا لعوامل تحكمية وليست عشوائية . ومن هذة العوامل استقرار محل الاقامة , والتعاون المستمر مع الباحث , وبالطبع فان المفحوصين الذيم يتم انتقاؤهم بهذة الطريقة قد تتوافر فيهم حصائص أخرى بالمستوى الثقافى والميول والاتجاهات بل والظروف الطبيعية والصحية تختلف عن الاصل السكانى العام على نحو يجعلها منذ البداية عينة متحيزة ولبست عشوائية , فقد تكون العينة أعلى نسبيا من المستوى العام للاصل الاحصائى السكانى .
وقد يكون العكس صحيحا ايضا فى بعض عينات هذة البحوث ومن ذلك الافراد الذين يقيمون فى المؤسسات ( كالاطفال والمراهقين الذين يعيشون فى الملاجىء والشيوخ الذين يقيمون فى بيوت المسنين ) فاطفال ومراهقو الملاجىء والاصلاحيات يمثلون مستوى ادنى من الاصل الاحصائى العام . بينما شيوخ دور المسنين قد يكونون من مستويات اقتصادية واجتماعية عالية نسبيا اذا كانت هذة البيوت بمصروفات تديرها جمعيات خاصة , وقد يكونون من مستويات دنيا اذا كانت هذة البيوت من النوع المجانى الذى تديرة هيئات حكومية للإيواء العام . وفى الحالتين يصعب تعميم نتائج مثل هذة البحوث الطولية على المجتمع الاصلى , ومع ذلك فان لهذة البحوث فائدتها اذا تم توصيف الاصل المشتقة منة العينات توصيفا دقيقا , أو تم توصيف العينة موضوع البحث توصيفا مفصلا بحيث يمكن تعميم النتائج التى تتوصل اليها البحوث على اى اصل احصائى مشابة لها .
2- النقصان التتابعى للعينة : فلا شك فى ان البحث الطولى يستغرق فترة طويلة نسبيا من الزمن , ولهذا نتوقع ان يتناقص عدد المفحوصين تدريجيا , ولذلك فان المتابعات المتأخرة لنفس العينة نجدها تتم على اعداد قليلة الى حد كبير لة قورنت باحجم الاصلى لهذة العينة عند بدء البحث منذ سنوات بعيدة , وهذا التسرب فى العينة لا يتم بطريقة عشوائية , فالمفحوصون الذين يستمرون فى المشروع التتبعى حتى نهايتة هم فى العادة من الذين يتسمون بانهم اكثر تعاونا واكثر دافعية واكثر مثابرة واكثر كفاءة من اولئك الذين يتسربون طوال الطريق . وعلى هذا فانة عند نهاية اى دراسة طولية نجد ان المتبقى من عينة المفحوصين قد يكون متحيزا على نحو يجعل من الصعب مرة اخرى الوصول الى استنتاجات وتعميمات الى الاصل الاحصائى العام .
3- أثر اعادة الملاحظات : توجد مشكلة منهجية ثالثة فى البحوث الطولية تتمثل فى الاثر المحتمل الذى تحدثة المشاركة المستمرة فى سلوك المفحوص , فالممارسة المتكررة للاختبارات وزيادة الالفة بفريق البحث , والتوحد باحدى الجماعات لفترة طويلة نسبيا من الزمن . هى جماعة البحث . وغير ذلك من ظروف البحث الطولى التتبعى ذاتة , قد تؤثر جميعا فى اداء المفحوص فى الاختبارات وفى اتجاهاتة ودوافعة , وفى توافقة الانفعالى , وغير ذلك من جوانب السلوك . ومن ذلك مثلا ان المفحوص حين يعطى نفس الاختبارات أو ما يسبهها عدة مرات فانة يصبح على درجة كبيرة من الخبرة بها وفى مثل هذة الحالات سوف يؤدى المفحوص جيدا على الاختبارات اللاحقة لا بسبب النمو وانما بسبب أثار تكرارالممارسة .
وعلى الرغم من هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا وتتطلب تكلفة هائلة فانها لها قيمتها فى انها تهيىء لنا تتبع مسار التغيرات فى المفحوصين كأفراد عبر الزمن . تخيل باحثا يجرى دراسة على النمو العقلى خلال مدى الحياة . انة يواجه المهمة المستحيلة اذا صمم بحثة لجمع البيانات بنفسة , لأنة اذا بدأ بحثة على مفحوصيم من الاطفال وعمرة مثلا 25 سنة , فانة حين يبلغ مفحوصوة سن 65 سنة مثلا ويدخلون فى مرحلة الشيخوخة ربما يكون قد مات هو نفسة . بل انة فى الحدود الزمنية الاقل تطرفا توجد عوائق كثيرة من الوجهه العملية , ولهذا السبب نجد ان القاعدة هى وجود بحوث طولية قصيرة المدى لا تتجاوز فى العادة خمس سنوات .
4- أثر وقت القياس : يمكن لبعض الاثار التى تحدث فى المفحوصين من عينة البحث الطولى ان ترجع الى وقت القياس وليس الى النمو فى ذاتة . لنتأمل مثلا فرضية فحصت التغيرات المرتبطة بالعمر فى الاتجاة نحو العمل اليدوى اثناء الرشد , ان هؤلاء المفحوصين اذا كانوا قد اختبروا أو تمت ملاحظتهم ومقابلتهم فى اوائل الخمسينات حين كانوا فى بداية المراهقة قد يظهرون اتجاهات محافظة نسبيا حول هذا الموضوع , ولكنهم عندما يختبرون اليوم بعد اكثر من ثلاثين عاما فان هؤلاء المفحوصين انفسهم قد يكونون اكثر تحررا وتسامحا فى اتجاهاتهم , وقد تفسر هذة النتيجة بانها تعنى ان الاتجاة نحو العمل اليدوى يصير اقل محافظة عند التحول من المراهقة الى الرشد الاوسط , الا ان السبب الحقيقى ان الزمن قد تغير طوال هذة الفترة مع تغير المجتمع ككل حيث اصبح اكثر تقبلا للعمل اليدوى . فالتغيرات الملاحظة فى هذة الدراسة الفرضية قد تعكس بنفس القدر التغير التاريخى فى المجتمع وليس التغير النمائى العادى الذى يحدث خلال الرشد فحسب ومعنى ذلك ان التصميم الطولى فى ذاتة لا يساعدنا بالضرورة على الوصول الى تعميمات جيدة حول آثار النمو , وكما هو الحال بالنسبة للبحوث المستعرضة لا بد ان تكون حذر شديد فى تفسير النتائج .
النماذج النظرية للنمو الأنسانى
النموذج النظرى هو أداة منهجية يستخدم لشرح وتفسير الظواهر والعلاقات القائمة بينها , ويمدنا النموذج فى سبيل الشرح والتفسير بمصطلحات معينة وبالأساس الذى يمكن تصنيف الظواهر على أساسة وبالمبدأ التفسيرى الذى يوضح طبيعة العلاقة بين الظواهر أو المتغيرات , أن النموذج النظرى هو الوسيلة التى يمكننا من اخضاع ظواهر عالمنا للدراسة العملية , عن طريق ترجمة هذة الظواهر الى متغيرات محددة يمكن التحقق منه ودراسة العلاقات بينها .
ويميل بعض الباحثين الى تصنيف النماذج النظرية السائدة فى مجال علم نفس النمو الى مجموعات أو فئات حسب أسس معينة يرونها جديرة بالاعتبار , لأنها تزيد من الفهم لظاهرة التغير النمائى , فالبعض يصنف النماذج النظرية حسب السعة أو الشمول , فيكون لدينا النماذج الشاملة التى تحاول أن تشرح أو تفسر كل مظاهر السلوك تقريبا مثل نظرية التحليل النفسى , وهناك النماذج الأقل شمولا وتركز على بعض الجوانب الأساسية فى السلوك مثل نظرية بياجية وتهتم بتفسير الجوانب المعرفية للسلوك أيضا نظرية اريكسون والتى تهتم بتفسير الجوانب الأجتماعية للسلوك .
نظرية التحليل النفسى ( فرويد ):
نظرية التحليل النفسى كما وضع أسسها وصاغها سيجموند فرويد , نظرية يغلب عليها الطابع البيولوجى . فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية قوامها الجنس والعدوان , وهى ما أطلق عليها فرويد أسم " اللبيدو" Libido بمعنى الطاقة , وهذة الطاقة تدخل فى صدام محتم مع المجتمع , وعلى أساس شكل الصدام ونتيجتة تتحدد صورة الشخصية فى المستقبل .
ويذهب فرويد إلى أن الطاقة الغريزية التى يولد الطفل مزوداً بها تمر بأدوار محددة فى حياتة , والنضج البيولوجى هو الذى ينقل الطفل من دور الى آخر أو من مرحلة الى آخرى ولكن نوع وطبيعة المواقف التى يمر بها هى التى تحدد النتاج السيكولوجى لهذة المراحل , كما أنها هى التى تحدد مدى إنتظام سير الطاقة فى خطها المرسوم سلفا أو تعثرها فى السير وتخلفها أو تخلف معظمها فى مراحل معينة , هذا التخلف الذى يطلق علية فرويد" التثبيت" .
ويرى فرويد أن التثبيت يعود بجانب العوامل الجبلية ( الوراثية ) الى عوامل ذات طبيعة تربوية إجتماعية وعلى رأس هذة العوامل الإشباع المسرف فى سنى المهد والطفولة المبكرة , والذى يجعل الطفل لا يريد أن يترك هذا المستوى الذى ينعم فية بالاشباع والمتعة . ولكن النمو يتابع سيرة الى المرحلة التالية , ولكن بعد أن يكون قد تخلف قدر كبير من الطاقة اللبيدية فى المرحلة التى حدث فيها التثبيت , ومن عوامل التثبيت أيضا الاحباط الشديد الذى يجعل الطفل يجد صعوبة فى تخطى هذا المستوى الى المستوى التالى طلبا للاشباع الذى كان من المفروض أن يتلقاة فى هذة المرحلة , كما أن التثبيت قد يحدث فى ظل الاشباع المسرف والاحباط الشديد لأنة كثيراً ما يكون التناوب بين الاشباع المسرف والاحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت .
وإذا لم يحدث تثبيت للطاقة اللبيدية فى أية مرحلة وواصلت سيرها , فأن الطفل ينتقل من مرحلة سيكولوجية الى التى تليها , ويستمد الطفل إشباعة لطاقتة الغريزية فى كل مرحلة خلال عضو معين من أعضاء جسمة , ويسمى فرويد المراحل النفسية بأسم العضو الذى يستمد منة الطفل الإشباع فى مرحلة معينة .
وفيها تتم ملاحظة نفس العينة من الافراد التى تكون من نفس العمر لحظة البدء فى البحث واعادة ملاحظتهم أو اختبارهم عدة مرات على فترات زمنية مختلفة , وهذة الفترات تختلف حسب طبيعة البحث أى أن هذة الطريقة تتطلب تكرار الملاحظة والقياس لنفس المجموعة من الافراد لفترة زمنية معينة . وبالطبع فان مدى الزمن المستغرق والفواصل الزمنية بين الملاحظات والاختبارات تختلف من بحث لآخر , وذلك حسب طبيعة موضوعة ففى بحث حول نمو تفضيل احدى اليدين فى العمل اليدوى يختبر الاطفال ابتداء من سن 10 شهور مرة كل شهر حتى يصلوا الى العمر الذى يظهر فية تفضيل لاحدى اليدين على الاخرى , وهو عادة ما يكون سن 18 شهرا . وفى بحث النمو العقلى قد نحتاج لفترات زمنية اطول . فالاطفال يختبرون كل شهر عندما يكون عمرهم بين شهر واحد و 15 شهر , ثم كل 3 شهور بعد ذلك حتى يصلوا الى سن 2,5 سنة , ثم كل 6 شهور حتى يصلوا الى سن الخامسة , ثم كل سنة حتى سن المراهقة , وبعض البحوث تتضمن نظاما مختلفا وفترات زمنية اطول وخاصة حين يكون اهتمامها بالنمو عبر مدى الحياة .
والطريقة الطولية بهذا تتغلب على بعض مشكلات الطريقة المستعرضة , وتوفر للباحثين امكانات بحث افضل . انها تقدم صورة جيدة عن النمو داخل الافراد وليس صورة مجملة عن الفروق بين الجماعات العمرية . ثم انها تحدد لنا اى الظروف السابقة أو الخبرات السابقة يؤثر فى النمو السلوكى موضع البحث . ففيها لا تتداخل الفروق بين الاجيال والفروق داخل الجماعات من فروق العمر , كما هو الحال فى الدراسات المستعرضة , ولعل من اهم مميزات التحكم فى اثر اختلاف الاجيال ان الاثار فيها ترجع الى زمن ولادة المفحوص أو الجيل الذى ينتسب الية ولا ترجع فى الواقع الى محض عمرة , فالاجيال كما بيننا قد تختلف فى سنوات التعلم ومما رسات تنشئة الاطفال والصحة والاتجاهات نحو الموضوعات الحساسة كالجنس أو الدين , وهذة الاثار التى ترجع الى الاجيال لها اهميتها لأنها تؤثر بقوة فى المتغيرات التابعة فى الدراسات التى تبدو ظاهريا مهتمة بالعمر , وآثار اختلاف الاجيال قد تبدو كما لو كانت آثار اعمار مع انها ليست كذلك بالفعل , ومن ناحية اخرى فان هذة الطريقة تسمح للباحثين بتحليل الاستقرار أو الاختلاف الذى يحدث داخل الفرد بمرور الزمن . أضف الى ذلك ان هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا فى دراسة كل الفروق بين افراد العينة حتى يكتما البحث , ومعنى ذلك انها اقل جاذبية من الطريقة المستعرضة فى ضوء معيار الزمن , ومع ذلك فاننا بها وحدها نستطيع ان نحدد اى الشروط او الخبرات السابقة تؤثر فى نمو السلوك موضع البحث .
ومع هذة المزايا الظاهرة للطريقة الطولية الا ان لها مشكلاتها ايضا نلخصها فيما يلى :
1- العوامل الانتقائية فى العينة الاصلية : فالافراد الذين يشاركون فى بحث من طبيعتة ان يستمر لعدة سنوات يتم انتقائهم فى الاغلب تبعا لعوامل تحكمية وليست عشوائية . ومن هذة العوامل استقرار محل الاقامة , والتعاون المستمر مع الباحث , وبالطبع فان المفحوصين الذيم يتم انتقاؤهم بهذة الطريقة قد تتوافر فيهم حصائص أخرى بالمستوى الثقافى والميول والاتجاهات بل والظروف الطبيعية والصحية تختلف عن الاصل السكانى العام على نحو يجعلها منذ البداية عينة متحيزة ولبست عشوائية , فقد تكون العينة أعلى نسبيا من المستوى العام للاصل الاحصائى السكانى .
وقد يكون العكس صحيحا ايضا فى بعض عينات هذة البحوث ومن ذلك الافراد الذين يقيمون فى المؤسسات ( كالاطفال والمراهقين الذين يعيشون فى الملاجىء والشيوخ الذين يقيمون فى بيوت المسنين ) فاطفال ومراهقو الملاجىء والاصلاحيات يمثلون مستوى ادنى من الاصل الاحصائى العام . بينما شيوخ دور المسنين قد يكونون من مستويات اقتصادية واجتماعية عالية نسبيا اذا كانت هذة البيوت بمصروفات تديرها جمعيات خاصة , وقد يكونون من مستويات دنيا اذا كانت هذة البيوت من النوع المجانى الذى تديرة هيئات حكومية للإيواء العام . وفى الحالتين يصعب تعميم نتائج مثل هذة البحوث الطولية على المجتمع الاصلى , ومع ذلك فان لهذة البحوث فائدتها اذا تم توصيف الاصل المشتقة منة العينات توصيفا دقيقا , أو تم توصيف العينة موضوع البحث توصيفا مفصلا بحيث يمكن تعميم النتائج التى تتوصل اليها البحوث على اى اصل احصائى مشابة لها .
2- النقصان التتابعى للعينة : فلا شك فى ان البحث الطولى يستغرق فترة طويلة نسبيا من الزمن , ولهذا نتوقع ان يتناقص عدد المفحوصين تدريجيا , ولذلك فان المتابعات المتأخرة لنفس العينة نجدها تتم على اعداد قليلة الى حد كبير لة قورنت باحجم الاصلى لهذة العينة عند بدء البحث منذ سنوات بعيدة , وهذا التسرب فى العينة لا يتم بطريقة عشوائية , فالمفحوصون الذين يستمرون فى المشروع التتبعى حتى نهايتة هم فى العادة من الذين يتسمون بانهم اكثر تعاونا واكثر دافعية واكثر مثابرة واكثر كفاءة من اولئك الذين يتسربون طوال الطريق . وعلى هذا فانة عند نهاية اى دراسة طولية نجد ان المتبقى من عينة المفحوصين قد يكون متحيزا على نحو يجعل من الصعب مرة اخرى الوصول الى استنتاجات وتعميمات الى الاصل الاحصائى العام .
3- أثر اعادة الملاحظات : توجد مشكلة منهجية ثالثة فى البحوث الطولية تتمثل فى الاثر المحتمل الذى تحدثة المشاركة المستمرة فى سلوك المفحوص , فالممارسة المتكررة للاختبارات وزيادة الالفة بفريق البحث , والتوحد باحدى الجماعات لفترة طويلة نسبيا من الزمن . هى جماعة البحث . وغير ذلك من ظروف البحث الطولى التتبعى ذاتة , قد تؤثر جميعا فى اداء المفحوص فى الاختبارات وفى اتجاهاتة ودوافعة , وفى توافقة الانفعالى , وغير ذلك من جوانب السلوك . ومن ذلك مثلا ان المفحوص حين يعطى نفس الاختبارات أو ما يسبهها عدة مرات فانة يصبح على درجة كبيرة من الخبرة بها وفى مثل هذة الحالات سوف يؤدى المفحوص جيدا على الاختبارات اللاحقة لا بسبب النمو وانما بسبب أثار تكرارالممارسة .
وعلى الرغم من هذة الطريقة تستغرق وقتا طويلا وتتطلب تكلفة هائلة فانها لها قيمتها فى انها تهيىء لنا تتبع مسار التغيرات فى المفحوصين كأفراد عبر الزمن . تخيل باحثا يجرى دراسة على النمو العقلى خلال مدى الحياة . انة يواجه المهمة المستحيلة اذا صمم بحثة لجمع البيانات بنفسة , لأنة اذا بدأ بحثة على مفحوصيم من الاطفال وعمرة مثلا 25 سنة , فانة حين يبلغ مفحوصوة سن 65 سنة مثلا ويدخلون فى مرحلة الشيخوخة ربما يكون قد مات هو نفسة . بل انة فى الحدود الزمنية الاقل تطرفا توجد عوائق كثيرة من الوجهه العملية , ولهذا السبب نجد ان القاعدة هى وجود بحوث طولية قصيرة المدى لا تتجاوز فى العادة خمس سنوات .
4- أثر وقت القياس : يمكن لبعض الاثار التى تحدث فى المفحوصين من عينة البحث الطولى ان ترجع الى وقت القياس وليس الى النمو فى ذاتة . لنتأمل مثلا فرضية فحصت التغيرات المرتبطة بالعمر فى الاتجاة نحو العمل اليدوى اثناء الرشد , ان هؤلاء المفحوصين اذا كانوا قد اختبروا أو تمت ملاحظتهم ومقابلتهم فى اوائل الخمسينات حين كانوا فى بداية المراهقة قد يظهرون اتجاهات محافظة نسبيا حول هذا الموضوع , ولكنهم عندما يختبرون اليوم بعد اكثر من ثلاثين عاما فان هؤلاء المفحوصين انفسهم قد يكونون اكثر تحررا وتسامحا فى اتجاهاتهم , وقد تفسر هذة النتيجة بانها تعنى ان الاتجاة نحو العمل اليدوى يصير اقل محافظة عند التحول من المراهقة الى الرشد الاوسط , الا ان السبب الحقيقى ان الزمن قد تغير طوال هذة الفترة مع تغير المجتمع ككل حيث اصبح اكثر تقبلا للعمل اليدوى . فالتغيرات الملاحظة فى هذة الدراسة الفرضية قد تعكس بنفس القدر التغير التاريخى فى المجتمع وليس التغير النمائى العادى الذى يحدث خلال الرشد فحسب ومعنى ذلك ان التصميم الطولى فى ذاتة لا يساعدنا بالضرورة على الوصول الى تعميمات جيدة حول آثار النمو , وكما هو الحال بالنسبة للبحوث المستعرضة لا بد ان تكون حذر شديد فى تفسير النتائج .
النماذج النظرية للنمو الأنسانى
النموذج النظرى هو أداة منهجية يستخدم لشرح وتفسير الظواهر والعلاقات القائمة بينها , ويمدنا النموذج فى سبيل الشرح والتفسير بمصطلحات معينة وبالأساس الذى يمكن تصنيف الظواهر على أساسة وبالمبدأ التفسيرى الذى يوضح طبيعة العلاقة بين الظواهر أو المتغيرات , أن النموذج النظرى هو الوسيلة التى يمكننا من اخضاع ظواهر عالمنا للدراسة العملية , عن طريق ترجمة هذة الظواهر الى متغيرات محددة يمكن التحقق منه ودراسة العلاقات بينها .
ويميل بعض الباحثين الى تصنيف النماذج النظرية السائدة فى مجال علم نفس النمو الى مجموعات أو فئات حسب أسس معينة يرونها جديرة بالاعتبار , لأنها تزيد من الفهم لظاهرة التغير النمائى , فالبعض يصنف النماذج النظرية حسب السعة أو الشمول , فيكون لدينا النماذج الشاملة التى تحاول أن تشرح أو تفسر كل مظاهر السلوك تقريبا مثل نظرية التحليل النفسى , وهناك النماذج الأقل شمولا وتركز على بعض الجوانب الأساسية فى السلوك مثل نظرية بياجية وتهتم بتفسير الجوانب المعرفية للسلوك أيضا نظرية اريكسون والتى تهتم بتفسير الجوانب الأجتماعية للسلوك .
نظرية التحليل النفسى ( فرويد ):
نظرية التحليل النفسى كما وضع أسسها وصاغها سيجموند فرويد , نظرية يغلب عليها الطابع البيولوجى . فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية قوامها الجنس والعدوان , وهى ما أطلق عليها فرويد أسم " اللبيدو" Libido بمعنى الطاقة , وهذة الطاقة تدخل فى صدام محتم مع المجتمع , وعلى أساس شكل الصدام ونتيجتة تتحدد صورة الشخصية فى المستقبل .
ويذهب فرويد إلى أن الطاقة الغريزية التى يولد الطفل مزوداً بها تمر بأدوار محددة فى حياتة , والنضج البيولوجى هو الذى ينقل الطفل من دور الى آخر أو من مرحلة الى آخرى ولكن نوع وطبيعة المواقف التى يمر بها هى التى تحدد النتاج السيكولوجى لهذة المراحل , كما أنها هى التى تحدد مدى إنتظام سير الطاقة فى خطها المرسوم سلفا أو تعثرها فى السير وتخلفها أو تخلف معظمها فى مراحل معينة , هذا التخلف الذى يطلق علية فرويد" التثبيت" .
ويرى فرويد أن التثبيت يعود بجانب العوامل الجبلية ( الوراثية ) الى عوامل ذات طبيعة تربوية إجتماعية وعلى رأس هذة العوامل الإشباع المسرف فى سنى المهد والطفولة المبكرة , والذى يجعل الطفل لا يريد أن يترك هذا المستوى الذى ينعم فية بالاشباع والمتعة . ولكن النمو يتابع سيرة الى المرحلة التالية , ولكن بعد أن يكون قد تخلف قدر كبير من الطاقة اللبيدية فى المرحلة التى حدث فيها التثبيت , ومن عوامل التثبيت أيضا الاحباط الشديد الذى يجعل الطفل يجد صعوبة فى تخطى هذا المستوى الى المستوى التالى طلبا للاشباع الذى كان من المفروض أن يتلقاة فى هذة المرحلة , كما أن التثبيت قد يحدث فى ظل الاشباع المسرف والاحباط الشديد لأنة كثيراً ما يكون التناوب بين الاشباع المسرف والاحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت .
وإذا لم يحدث تثبيت للطاقة اللبيدية فى أية مرحلة وواصلت سيرها , فأن الطفل ينتقل من مرحلة سيكولوجية الى التى تليها , ويستمد الطفل إشباعة لطاقتة الغريزية فى كل مرحلة خلال عضو معين من أعضاء جسمة , ويسمى فرويد المراحل النفسية بأسم العضو الذى يستمد منة الطفل الإشباع فى مرحلة معينة .